كتب / احمد ذكي
يبدو أن جماعة الإخوان المسلمين قد فقدت بالفعل قدرتها على الاستمرار بعد الانتكاسة الكبيرة التي واجهتها في مصر لدرجة أن أحد فروعها وهي حركة النهضة التونسية تبرأت منها، وعلى الرغم أن هذا الأمر يمكن اعتباره أحد مراوغات فروع الجماعة للحفاظ على بقائها في ظل الظروف الراهنة وأن هناك تواصلاً سرياً بين النهضة والتنظيم الدولي، إلا إن الإعلان عن تغيير سياسة الحركة التونسية يعد حدثاً جديراً بالاهتمام.
كان راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة التونسية قد أعلن منذ أيام، تبرؤه من الإسلام السياسي، في تصريحات أدلى بها، مؤكدا أن الحزب طرأت عليه تغيرات، الأمر الذي يعد تبرؤًا من جماعة الإخوان.
ونقلت صحيفة الشروق التونسية كلمة له بمنتدى حوار المتوسط 2016 الذى عقد بروما خلال جلسة بعنوان “الديمقراطية والسياسات: أي دور للإسلام؟”، حيث قال الغنوشي: لم نعد نعتبر أنفسنا مشمولين بمصطلح الإسلام السياسي، ولكن كحزب لـ”المسلمين الديمقراطيين”، فالنهضة حزب سياسي مهتم بتكريس الديمقراطية.
وأضاف الغنوشي والمولود في 22 يونيو 1941 بمدينة الحامة بولاية قابس التونسية أن الإسلام السياسي مصطلح فضفاض ارتبط كثيراً بالجماعات التى تشرّع للعنف وتتحدّث باسم الإسلام، ونحن حزب ديمقراطي لا يؤمن فقط بأنه لا تعارض بين الإسلام والديمقراطية، ولكننا نرى حقا الإسلام كعامل محفز على التسامح والخدمة العامة وقيم التعددية والديمقراطية وحقوق الإنسان.
واستكمل بأن “حركة النهضة تعمل على إيجاد حلول لمشاكل الشعب التونسي مثل توفير فرص العمل وإصلاح المستشفيات والمدارس والبنية التحتية، لافتا إلى أنهم قرروا المضى قدما نحو التخصّص من أجل وضع برامج وخطط عمل لتحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للشعب التونسي”.
وجدير بالذكر أن هذه ليست المرة الأولى التي يدلى فيها الغنوشي بتصريحات مماثلة ففي مايو الماضي وخلال المؤتمر العام العاشر، لحزب حركة النهضة الإسلامية، انتشر خبر خروج الغنوشي من جلباب الإخوان، وقوله في رسالة وجهها لهم إن الجماعة أخطأت، وهذا ما أكدته مصادر النهضة إلا أن الغنوشي عاد بعد ساعات ونفى صحة الخبر، علماً بأن العديد من قادة “النهضة” ومنهم المرشد راشد الغنوشي، أكدوا في أكثر من مناسبة على أن حركتهم فكت الارتباط الفكري والتنظيمي مع الإخوان.
ووفق الرسالة المنسوبة لراشد الغنوشي زعيم حركة النهضة التي نسب له أنه وجهها للاجتماع الخاص بالتنظيم العالمي للإخوان المسلمين، الذي عقد في اسطنبول تحت شعار “شكراً تركيا” في أبريل الماضي، فإن أهم ما ورد فيها نص الرسالة:
“لا أسباب صحية ولا غيرها حالت دون حضوري ولكنني أرى يوماً بعد يوم أن لحظة الافتراق بيني وبينكم قد اقتربت، أنا مسلم تونسي، تونس هي وطني، وأنا مؤمن بأن الوطنية مهمة وأساسية ومفصلية فلن أسمح لأي كان أن يجردني من تونسيتي، لن أقبل أي عدوان على تونس حتى لو كان من أصحاب الرسالة الواحدة”.
وأضاف قائلا: “أنا الآن أعلن أمامكم أن تونسيتي هي الأعلى والأهم، لا أريد لتونس أن تكون ليبيا المجاورة ولا العراق البعيد، أريد لتونس أن تحمي أبناءها بكل أطيافهم وألوانهم السياسية، أنا وبالفم الملآن أعلن لكم أن طريقكم خاطئ وجلب الويلات على كل المنطقة”.
وتابع الغنوشي الذي عاد من منفاه في لندن إلى بلده بعد الثورة التونسية في 2011 مخاطبا الإخوان: “لقد تعاميتم عن الواقع وبنيتم الأحلام والأوهام وأسقطتم من حساباتكم الشعوب وقدراتها، لقد حذرتكم في مصر وسوريا واليمن ولكن لا حياة لمن تنادي، أنا الآن جندي للدفاع عن أراضي تونس ولن أسمح للإرهاب مهما كان عنوانه أن يستهدف وطني، لأن سقوط الوطن يعني سقوطي”.
وفي سياق التأكيد على “تونسة” الحركة، عبر القطيعة مع الإرث الفكري والتنظيمي مع التنظيم العالمي للإخوان، أعلنت قيادة “النهضة” التبرؤ من كل صلة بالإخوان، من خلال إصدار تعليمات صريحة لإطارات وقواعد الحركة، بتجنب إبراز كل ما له صلة يمكن أن تشير إلى وجود علاقة بالإخوان، وصل حد التنبيه بعدم رفع شعار رابعة ،وبالفعل التزمت غالبية القواعد بهذه التحذيرات.